وثائقي لـ"ميدار.نت".. 1959 .. المياه النظيفة تدخل دبي 

وثائقي خاص من ميدار.نت - دبي
الوثائق
دبي
المياه
فيديو
14 أبريل 2023
Cover

وثائقي خاص من ميدار.نت - دبي
 

في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي كانت دبي تعاني من ندرة مياه الشرب النظيفة.

ويكفي لتخيل الصورة أن دبي كانت تعيش على مياه آبار ملوثة محمولة بعربات تجرها دواب ويسمى "هاوي" باللهجة المحلية.

لم يكن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي راضياً عن ذلك لقناعته أن دخول المياه العذبة النظيفة من أهم مقومات مشروعه لتطوير دبي وحرصه على صحة أهل دبي.

كان مصدر دبي لمياه الشرب بركة راكدة تنتعش بمياه الأمطار أحياناً، وتقع بالمنطقة التي تسمى الكرامة حالياً، وبئر مياه في منطقة الفهيدي، وبئر في منطقة جميرا.

ويقوم السكان بجلب المياه من هذه المناطق بواسطة عربات تجرها الدواب مقابل 25 فلساً للجالون.

كانت المياه ملوثة مما خلق ثقافة عدم شرب المياه بكثرة خوفاً من الأمراض، وتم استخدام أقراص مضادة لتلوث المياه.

تلك كانت الصورة العامة التي جعلت الشيخ راشد يشعر بالقلق ويبحث عن حلول جذرية.

قام حاكم دبي بدعوة المهندس البريطاني إيريك تولتش الذي كان يعيش في قطر وتم تعيينه مهندساً ومسؤولاً عن المياه في دبي.

كان الشيخ راشد يتطلع لتقديم مياه شرب نظيفه لضيوفه في حفل زواج ابنته الشيخة مريم، ويطمح بالطبع لحل المشكلة في دبي بصورة جذرية.

أرسل رجال القبائل مع تولتش إلى منطقة العوير لاستكشاف المياه النظيفة، وتم العثور بالفعل على مصادر عديدة للمياه وتم ربطها معاً.

وقامت شركة AST النمساوية بعمل خط أنابيب من العوير إلي ضفاف الخور لتصبح منطقة توزيع مياه نظيفة، ومن ضفاف الخور تقوم شاحنات كبيرة بنقل المياه لباقي مناطق دبي.

ولم يمثل ذلك حلاً جذرياً لمشكلة توفير مياه الشرب النظيفة بحلول منتصف الستينيات كانت هناك نهضة بناء وعمران في دبي، وخاصة في منطقتي الكرامة والقصيص وغيرهما.

وقرر الشيخ راشد البدء بمد هذه المناطق بخطوط المياه، وكان منزل الشيخة شما أول منازل دبي التي تم امدادها بالمياه بطريقة نظامية.

تم ربط المنازل والعقارات بنظام توزيع المياه في دبي، وقام بهذه المهمة المهندس الانجليزي جيري واين حيث تم توزيع المياه وضخها لخزانات كبيرة حول دبي وديرة، وضخها من العوير وصولاً لخزانات فوق أسطح المنازل.

بعد توفير المياه النظيفة العذبة في دبي أصبحت دبي في قلب النهضة التجارية والاقتصادية، وإمداد السفن بهذه المياه التي تمتاز بنسبة ملوحة أقل مقارنة مع باقي دول وموانئ الخليج، حسب تقرير بريطاني.

أعطى الشيخ راشد شركة غري ماكنزي حق بيع المياه للسفن التي تصل دبي، واشترت شركة جنرال موتورز الجالون بسعر يعادل 5 دراهم، وباعته للسفن مقابل 50 درهم.

بمرور الوقت عانت خزانات المياه في دبي من دخول الحشرات والرمال وأصبحت ملوثة، كما ظهرت مشكلات في نظام ضخ المياه، ما جعل أهالي دبي يستخدمون مضخات كهربائية لتقوية الضخ، وتم تنظيف وتطوير وتوسعة قدرات خطوط المياه فيما بعد.

وبدأت فكرة استخدام المياه المحلاه بواسطة شركة دوبال في الثمانينيات لتصبح هذه الفكرة مقبولة كلياً فيما بعد.

وظل المهندس تولتش وفياً لدبي حريصاً على استدامة مياه الشرب النظيفة بها، وفي المقابل حرصت دبي على وجوده في ديوا حتى نهاية حياته.

وفي واقعة تمثل رمزية حرصه على ترشيد استخدام المياه، توقف تولتش عن ري حديقته الخاصة في دبي بالمياه.

قصة دخول المياه النظيفة لمنازل دبي وما سبقها من معاناة جزء من قصة مدينة لم تصبح بهذا البريق بمحض الصدفة، بل هناك رجال صنعوا تاريخها بالعرق والدموع.